شواطئ البكائين
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
شواطئ البكائين
ملخص الخطبة:
1- الضحك والبكاء صفتان يعبر البشر بهما عن عواطفهما. 2- أنواع البكائين بحسب ما يبكون
عليه. 3- البكاؤون من خشية الله. 4- مدح العين الباكية خشية لله. 5-بكاء رسول الله.
6- بكاء السلف. 7- ذم الضحك وكثرته.
الخطبة الأولى
أما بعد:
فأوصيكم
أيها الناس ونفسي بتقوى الله ـ عز وجل ـ، وكثرة حمده على آلائه إليكم،
ونعمائه عليكم، وبلائه لديكم، فكم خصكم بنعمة، وأزال عنكم نقمة، وتدارككم
برحمة، أعورتم له فستركم، وتعرضتم لأخذه فأمهلكم، وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـٰلَكُم [محمد:38].
أيها الناس، قال الله ـ عز وجل ـ في محكم التنزيل وَفِى ٱلأَرْضِ ءايَـٰتٌ لّلْمُوقِنِينَ وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ [الذاريات:20-21]. وقال تعالى: سَنُرِيهِمْ ءايَـٰتِنَا فِى ٱلأَفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ [فصلت:53].
والآية
جد آية، والعظمة جد عظمة، ما أودعه الله ـ عز وجل ـ في بني البشر من
النعمتين العظيمتين، ألا وهما نعمة الضحك والبكاء، ضحك وبكاء أودعهما الله
النفس الإنسانية، والأمة البشرية وَأَنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ [النجم:42-43].
ضحك أودعه الله النفس البشرية، لتعبر به عن فرحها المرغوب، ورضاها به،
وأنسها بما يسر، وبكاء أُودِعَتْه النفس، لتعبر به عن الخشية والفَرَق[1]، والخوف والوجل، ولربما هجم السرور على النفس، فكان من فرط ما قد سرها أبكاها، فهي تبكي في الأفراح والأحزان.
إن
الله ـ عز وجل ـ أنشأ للإنسان دواعي الضحك، ودواعي البكاء، وجعلها وفق
أسرار أودعها فيه، يضحك لهذا، ويبكي لذاك، وقد يضحك غدا مما أبكاه اليوم،
ويبكي اليوم مما أضحكه بالأمس، في غير جنون ولا ذهول، إنما هي حالات
جبلية، خلقها الله فيه وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ [الذاريات:21].
أيها
المسلمون، أيها المسلم، أيتها المسلمة، إن الله ـ عز وجل ـ أنعم عليكم
بنعمة البكاء لتشكروه عليها، إذ كيف يعيش من لا يبكي؟ كيف تتفاعل نفسه مع
الأحداث والمواقف؟ بماذا يترجم عن الحزن والأسى؟ بماذا يعبر عن الخشية
والخوف من الله ـ جل وعلا ـ، قال رسول الله : ((اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن نفس لا تشبع ومن عين لا تدمع ومن دعوة لا يستجاب لها))[2].
أيها الأحبة، البكاء قافلة ضخمة، حطت ركائبها في سوق رحبة، ما ابتاع الناس منها فعلى ثلاثة أضرب:
فضرب
من الناس اشتروا بكاء العشاق والمشغوفين، أصحاب الهوى والتيم، أهل الصبابة
والغرام، الذين هربوا من الرق الذي خلقوا له، وبلوا أنفسهم برق الهوى
والشيطان، فاشترى هؤلاء القوم هذا الضرب من البكاء شراء مفتقرا لشروط
الصحة، فابتاعوا بيعا فاسدا، ثم زادوا السقم علة، والطين بِلَّة، حين
أوقفوا هذه الدموع، واحتبسوها، في غير وجه شرعي، فبطل الوقف، وخسر الواقف،
وهام الموقوف عليه، فما أعظمها شِقْوَةً! وما أوعرها هُوَّة!
فما في الأرض أشقى مـن محب وإن وجد الهـوى حلو المذاق
تـراه باكيـا فـي كــل حـين مخافـة فرقـة أو لاشـتياق
فتسخـن عينـه عنـد التلاقـي وتسـخن عينـه عند الفراق
ويبكـي إن نـأوا شوقـا إليهـم ويبكي إن دنوا خوف الفـراق
أعاذنا الله وإياكم من هذه الحال، ومن حال أهل النار.
وضرب
من الناس، ابتاعوا بكاء أهل الحزن على مصائبهم ورزاياهم، وعلى هذا الضرب
جل الناس، فاقتصروا على سلعة، وافقت جبلتهم التي جبلهم الله عليها،
فأصبحوا لا لهم ولا عليهم.
وضرب ثالث اشتروا بكاء الخشية من الله ـ عز وجل ـ، تلكم البضاعة التي زهد فيها معظم القوم إلا من رحم الله.
آيات
تتلى، وأحاديث تروى، ومواعظ تلقى، ولكن تدخل من اليمنى وتخرج من اليسرى،
لا يخشع لها قلب ولا تهتز لها نفس، ولا يسيل على أثرها دمع ((اللهم إنا نعوذ بك من قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع)).
عباد
الله، لقد أثنى الله ـ جل وعلا ـ في كتابه على البكائين من خشية الله، وفي
طاعة الله. الأتقياء الأنقياء، ذوي الحساسية المرهفة، الذين لا تسعفهم
الكلمات للتعبير عما يخالج مشاعرهم، من حب لله، وتعظيم له، وخشية وإجلال،
فتفيض عيونهم بالدموع، قربة إلى الله وزلفى لديه.
إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا [الإسراء:107-109]. وقال ـ تعالى ـ: أُولَـئِكَ
ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مّنَ ٱلنَّبِيّيْنَ مِن ذُرّيَّةِ
ءادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرّيَّةِ إِبْرٰهِيمَ
وَإِسْرٰءيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَىٰ
عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً [مريم :58].
وقال ـ تعالى ـ: وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَق [المائدة:83].
وقال ـ تعالى ـ: أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَـٰمِدُونَ فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ [النجم:59-62].
ثبت عن النبي أنه أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه، فجاءه عصابة من أصحابه، فقالوا يا رسول الله: احملنا، فقال لهم: ((والله لا أجد ما أحملكم عليه)). فتولوا وهم يبكون، وعز عليهم أن يجلسوا عن الجهاد، ولا يجدون نفقة ولا محملا، فأنزل الله ـ عز وجل ـ: لَّيْسَ
عَلَى ٱلضُّعَفَاء وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ
يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا
عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَلاَ
عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا
أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ
حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ [التوبة:91-92] [3].
عباد الله، البكاء من خشية الله وصف شريف، ومسعى حميد، به وصف الله أنبياءه، والذين أوتوا العلم من عباده، وقد ذكر رسول الله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ((رجلا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)) متفق عليه[4].
ويمتاز البكاء في الخلوة، لأن الخلوة مدعاة إلى قسوة القلب، والجرأة على
المعصية، فإذا ما جاهد الإنسان نفسه فيها، واستشعر عظمة الله فاضت عيناه،
فاستحق أن يكون تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله.
قال رسول الله : ((عينان لا تمسهما النار؛ عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله)) [رواه الترمذي][5]. صدق رسول الله ،
فلقد قال ذلك ـ بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه ـ، قال ذلك وهو أتقى
الناس لله، وأخشى الناس لله، وأكثر الناس بكاء من خشية الله.
نزف البكاء دموع عينك فاستعر عينا لغيرك دمعها مدرار
من ذا يعيرك عينه تبكـي بهـا أرأيت عينـا للدموع تعار
1- الضحك والبكاء صفتان يعبر البشر بهما عن عواطفهما. 2- أنواع البكائين بحسب ما يبكون
عليه. 3- البكاؤون من خشية الله. 4- مدح العين الباكية خشية لله. 5-بكاء رسول الله.
6- بكاء السلف. 7- ذم الضحك وكثرته.
الخطبة الأولى
أما بعد:
فأوصيكم
أيها الناس ونفسي بتقوى الله ـ عز وجل ـ، وكثرة حمده على آلائه إليكم،
ونعمائه عليكم، وبلائه لديكم، فكم خصكم بنعمة، وأزال عنكم نقمة، وتدارككم
برحمة، أعورتم له فستركم، وتعرضتم لأخذه فأمهلكم، وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـٰلَكُم [محمد:38].
أيها الناس، قال الله ـ عز وجل ـ في محكم التنزيل وَفِى ٱلأَرْضِ ءايَـٰتٌ لّلْمُوقِنِينَ وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ [الذاريات:20-21]. وقال تعالى: سَنُرِيهِمْ ءايَـٰتِنَا فِى ٱلأَفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ [فصلت:53].
والآية
جد آية، والعظمة جد عظمة، ما أودعه الله ـ عز وجل ـ في بني البشر من
النعمتين العظيمتين، ألا وهما نعمة الضحك والبكاء، ضحك وبكاء أودعهما الله
النفس الإنسانية، والأمة البشرية وَأَنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ [النجم:42-43].
ضحك أودعه الله النفس البشرية، لتعبر به عن فرحها المرغوب، ورضاها به،
وأنسها بما يسر، وبكاء أُودِعَتْه النفس، لتعبر به عن الخشية والفَرَق[1]، والخوف والوجل، ولربما هجم السرور على النفس، فكان من فرط ما قد سرها أبكاها، فهي تبكي في الأفراح والأحزان.
إن
الله ـ عز وجل ـ أنشأ للإنسان دواعي الضحك، ودواعي البكاء، وجعلها وفق
أسرار أودعها فيه، يضحك لهذا، ويبكي لذاك، وقد يضحك غدا مما أبكاه اليوم،
ويبكي اليوم مما أضحكه بالأمس، في غير جنون ولا ذهول، إنما هي حالات
جبلية، خلقها الله فيه وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ [الذاريات:21].
أيها
المسلمون، أيها المسلم، أيتها المسلمة، إن الله ـ عز وجل ـ أنعم عليكم
بنعمة البكاء لتشكروه عليها، إذ كيف يعيش من لا يبكي؟ كيف تتفاعل نفسه مع
الأحداث والمواقف؟ بماذا يترجم عن الحزن والأسى؟ بماذا يعبر عن الخشية
والخوف من الله ـ جل وعلا ـ، قال رسول الله : ((اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن نفس لا تشبع ومن عين لا تدمع ومن دعوة لا يستجاب لها))[2].
أيها الأحبة، البكاء قافلة ضخمة، حطت ركائبها في سوق رحبة، ما ابتاع الناس منها فعلى ثلاثة أضرب:
فضرب
من الناس اشتروا بكاء العشاق والمشغوفين، أصحاب الهوى والتيم، أهل الصبابة
والغرام، الذين هربوا من الرق الذي خلقوا له، وبلوا أنفسهم برق الهوى
والشيطان، فاشترى هؤلاء القوم هذا الضرب من البكاء شراء مفتقرا لشروط
الصحة، فابتاعوا بيعا فاسدا، ثم زادوا السقم علة، والطين بِلَّة، حين
أوقفوا هذه الدموع، واحتبسوها، في غير وجه شرعي، فبطل الوقف، وخسر الواقف،
وهام الموقوف عليه، فما أعظمها شِقْوَةً! وما أوعرها هُوَّة!
فما في الأرض أشقى مـن محب وإن وجد الهـوى حلو المذاق
تـراه باكيـا فـي كــل حـين مخافـة فرقـة أو لاشـتياق
فتسخـن عينـه عنـد التلاقـي وتسـخن عينـه عند الفراق
ويبكـي إن نـأوا شوقـا إليهـم ويبكي إن دنوا خوف الفـراق
أعاذنا الله وإياكم من هذه الحال، ومن حال أهل النار.
وضرب
من الناس، ابتاعوا بكاء أهل الحزن على مصائبهم ورزاياهم، وعلى هذا الضرب
جل الناس، فاقتصروا على سلعة، وافقت جبلتهم التي جبلهم الله عليها،
فأصبحوا لا لهم ولا عليهم.
وضرب ثالث اشتروا بكاء الخشية من الله ـ عز وجل ـ، تلكم البضاعة التي زهد فيها معظم القوم إلا من رحم الله.
آيات
تتلى، وأحاديث تروى، ومواعظ تلقى، ولكن تدخل من اليمنى وتخرج من اليسرى،
لا يخشع لها قلب ولا تهتز لها نفس، ولا يسيل على أثرها دمع ((اللهم إنا نعوذ بك من قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع)).
عباد
الله، لقد أثنى الله ـ جل وعلا ـ في كتابه على البكائين من خشية الله، وفي
طاعة الله. الأتقياء الأنقياء، ذوي الحساسية المرهفة، الذين لا تسعفهم
الكلمات للتعبير عما يخالج مشاعرهم، من حب لله، وتعظيم له، وخشية وإجلال،
فتفيض عيونهم بالدموع، قربة إلى الله وزلفى لديه.
إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا [الإسراء:107-109]. وقال ـ تعالى ـ: أُولَـئِكَ
ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مّنَ ٱلنَّبِيّيْنَ مِن ذُرّيَّةِ
ءادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرّيَّةِ إِبْرٰهِيمَ
وَإِسْرٰءيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَىٰ
عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً [مريم :58].
وقال ـ تعالى ـ: وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَق [المائدة:83].
وقال ـ تعالى ـ: أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَـٰمِدُونَ فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ [النجم:59-62].
ثبت عن النبي أنه أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه، فجاءه عصابة من أصحابه، فقالوا يا رسول الله: احملنا، فقال لهم: ((والله لا أجد ما أحملكم عليه)). فتولوا وهم يبكون، وعز عليهم أن يجلسوا عن الجهاد، ولا يجدون نفقة ولا محملا، فأنزل الله ـ عز وجل ـ: لَّيْسَ
عَلَى ٱلضُّعَفَاء وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ
يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا
عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَلاَ
عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا
أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ
حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ [التوبة:91-92] [3].
عباد الله، البكاء من خشية الله وصف شريف، ومسعى حميد، به وصف الله أنبياءه، والذين أوتوا العلم من عباده، وقد ذكر رسول الله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ((رجلا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)) متفق عليه[4].
ويمتاز البكاء في الخلوة، لأن الخلوة مدعاة إلى قسوة القلب، والجرأة على
المعصية، فإذا ما جاهد الإنسان نفسه فيها، واستشعر عظمة الله فاضت عيناه،
فاستحق أن يكون تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله.
قال رسول الله : ((عينان لا تمسهما النار؛ عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله)) [رواه الترمذي][5]. صدق رسول الله ،
فلقد قال ذلك ـ بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه ـ، قال ذلك وهو أتقى
الناس لله، وأخشى الناس لله، وأكثر الناس بكاء من خشية الله.
نزف البكاء دموع عينك فاستعر عينا لغيرك دمعها مدرار
من ذا يعيرك عينه تبكـي بهـا أرأيت عينـا للدموع تعار
رد: شواطئ البكائين
ولله بجد أشكر كتير علي الموضوع الهايل وجميل وأتمنالك المزيد من الموضيع وربنا يوفقك يارب
فطومة-
عدد الرسائل : 76
العمر : 36
نقاط : 5770
تاريخ التسجيل : 08/02/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى